القائمة الرئيسية

الصفحات


     إنّ الحمد لله نحمده ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
]يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً، يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً[.([1])
أما بعد
فإن خير الكلام كلام الله تعالى، وخير الهدى هدي محمد e، وإن شر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار .
إن الأحاديث الضعيفة والمنكرة والتي يكثر انتشارها بين العوام ، والتي تدور على ألسنة الناس - إلا من رحم الله - وينسبونها إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يُتيقن ثبوتها عنه عليه الصلاة والسلام .  
عن أبي قتادة رضي الله عنه قال، قال النبي صلى الله عليه وسلم : "إياكم وكثرة الحديث عني فمن قال علي فليقل حقا أو صدقا،

ومن تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار".([2])
فهذه السلسلة والتي أسميناها "سلسلة نصر السنة ومحق البدعة"، وقد أوردنا ما لم يصح وما صح ويغني عن الضعيف منها، لنضعها بين يدي القارئ الكريم ليكون على علم بها، وسنواصل بإذن الله تعالى في كل مناسبة نبيّن ما صح وما لم يصح فيها نصحاً لعامة المسلمين، وعملا بوصية النبي صلى الله عليه وسلم "الدين النصيحة"([3])، ومن باب التعاون على البر والتقوى .
وفقني الله وإياكم لما يحب ويرضى، وجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم إنه سميع قريب.
وهذه الرسالة خاصة بما صح وما لم يصح في شعبان، وكان من قبلها الأحاديث التي صحت وما لم تصح في رمضان، وكذلك ما صح وما لم يصح في الحج، وما صح وما لم يصح في المحرم وعاشوراء ، وما صح وما لم يصح في رجب.
ومن هذه الأحاديث التي يكثر انتشارها بين الناس ما يتداوله العامة في فضل شهر شعبان، ولم يُتيقن ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم، فأحببنا أن نبينها للمسلمين الكرام ليكون على علم بها وليتجنبوها ويعملوا بالصحيح منها، والله الموفق.

ما جاء في سبب تسمية شعبان

1- روي عن أنس رضي الله عنه حديث: "تدرون لم سمي شعبان ؟ لأنه يشعب فيه خير كثير ، وإنما سمي رمضان لأنه يرمض الذنوب أي : يدنيها من الحر ".
وفي رواية عنه رضي الله عنه: "إنما سمي شعبان لأنه يتشعب فيه خير كثير للصائم فيه حتى يدخل الجنة" .
موضوع –
أخرجه الرافعي في تاريخه تاريخ قزوين ، عن أنس ، ورواه عنه أيضاً أبو الشيخ ابن حبان بلفظ تدرون لم سمي شعبان والباقي سواء . 
وفيه زياد بن ميمون صاحب الفاكهة وهو كذاب .
أنظر السلسلة الضعيفة حديث رقم (3223)، وضعيف الجامع حديث رقم (2061) .
قال ابن حجر رحمه الله في الفتح (4/213): وسمي شعبان لتشعبهم في طلب المياه أو في الغارات بعد أن يخرج شهر رجب الحرام ، وقيل فيه غير ذلك.اهـ.
وفي عمدة القاري (11/82): قال ابن دريد سمي بذلك لتشعبهم فيه أي لتفرقهم في طلب المياه، وفي ( المحكم ) سمي بذلك لتشعبهم في الغارات، وقال ثعلب قال بعضهم إنما سمي شعبانا لأنه شعب أي ظهر بين رمضان ورجب، وعن ثعلب كان شعبان شهرا تتشعب فيه القبائل أي تتفرق لقصد الملوك والتماس العطية.اهـ.
+ @ +

ما جاء في فضل شعبان

2- روي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه حديث: "رجب شهر الله، وشعبان شهري، ورمضان شهر أمتي، فمن صام من رجب يومين فله من الأجر ضعفان ووزن كل ضعف مثل جبال الدنيا".
ثم ذكر أجر من صام أربعة أيام ومن صام ستة أيام ثم سبعة أيام ثم ثمانية أيام ثم هكذا إلى خمسة عشر يوما منه .
وروي هذا الحديث عن أنس رضي الله عنه أيضاً .
موضوع - 
قال الشوكاني: وهو حديث موضوع، وفي إسناده أبو بكر بن الحسن النقاش وهو متهم، والكسائي مجهول، وقد رواه صاحب اللآلىء عن أبي سعيد الخدري . الفوائد المجموعة (1/100) .
قال الحافظ العراقي في شرح الترمذي : حديث ضعيف جدا هو من مرسلات الحسن رويناه في كتاب الترغيب والترهيب للأصفهاني، ومرسلات الحسن لا شيء عند أهل الحديث، ولا يصح في فضل رجب حديث اهـ. فيض القدير (4/18).
وقال العجلوني : رواه الديلمي وغيره عن أنس مرفوعا ، لكن ذكره ابن الجوزي في الموضوعات بطرق عديدة ، وكذا الحافظ ابن حجر في كتاب تبيين العجب فيما ورد في رجب. اهـ . كشف الخفاء (1/510) رقم (1358) . وانظر الفوائد المجموعة (1/47).

([1]) سورة الأحزاب الآية (70-71).
[2]) ) صحيح الجامع حديث رقم (2684) ، "السلسلة الصحيحة" رقم(1753) .
قال ابن بطال وغيره: كان كثير من كبار الصحابة لا يحدثون عن رسول الله خشية الزيادة والنقصان، لئلا يدخلوا في قوله من نقل عني ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار فاحتاطوا على أنفسهم أخذا بقول عمر رضي الله تعالى عنه أقلوا الحديث عن رسول الله وأنا شريككم. عمدة القاري (14/120).
[3]) ) رواه مسلم برقم (55)، باب بيان أن الدين النصيحة.
وفي رواية عن جرير بن عبدالله قال: "بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم". أخرجه البخاري برقم (57)، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم الدين النصحية لله ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم، ورواه مسلم برقم(56) في الإيمان باب بيان أن الدين النصيحة.
قال الإمام أبو سليمان الخطابي رحمه الله: النصيحة كلمة جامعة معناها حيازة الحظ للمنصوح له، ومعنى الحديث عماد الدين وقوامه النصيحة كقوله الحج عرفة أي عماده ومعظمه عرفة، (لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم) أما النصيحة لله تعالى فمعناها منصرف إلى الإيمان به ونفي الشريك عنه، وحقيقة هذه الإضافة راجعة إلى العبد في نصح نفسه فالله سبحانه وتعالى غني عن نصح الناصح، وأما النصيحة لكتابه سبحانه وتعالى فالإيمان بأنه كلام الله تعالى وتنـزيله لا يشبهه شيء من كلام الخلق والعمل بمحكمه والتسليم لمتشابه، ==
== وأما النصيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصديقه على الرسالة والإيمان بجميع ما جاء به وأما النصيحة لأئمة المسلمين فمعاونتهم على الحق وطاعتهم فيه وأمرهم به، والمراد بأئمة المسلمين الخلفاء وغيرهم ممن يقوم بأمور المسلمين من أصحاب الولايات، وأما نصيحة عامة المسلمين وهم من عدا ولاة الأمور فإرشادهم لمصالحهم في آخرتهم ودنياهم. صحيح مسلم بتحقيق محمد فؤاد عبد الباقي.

تعليقات