آدم عليه السلام
قصة آدم عليه السلام

ومن آدم وحوّاء انحدر كلُّ الجنس الإنساني.فهما‘رأس’ الجنس البشريّ وقد اوردت الكتب السماوية قصة خلقهما وصراعمها منذ البدء مع الشيطان,وقد صدق القران ماجاء في التوراة والانجيل تصديقا لقول الله تعالى "وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ... [الصف : 6]" وقد صدق انجيل عيسى توراة موسى من قبل بدليل قول القران "نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنزَلَ التَّوْرَاةَ وَالإِنجِيلَ [آل عمران] وكان القران مصدقا لكلاهما الذوات المذكورة في القصص جميعها ذكرت "الله " الخالق وذكرت الملائكة ومنها الملاك الساقط إبليس ثم المخلوقين وهما محور القصة (آدم، حوّاء) كذلك اشتركت في مكان القصة واحداثها (الفردوس)؛ وفي كلٍّ من الروايتين يكذب الشيطان ويخدع آدم وحوّاء؛ وفي كلٍّ من القصّتين يضع آدم وحوّاء أوراق الشجر لإخفاء عار عُريهما؛ وفي الروايتين يحاور الله مخلوقاته ويحاكمهم جميعا ثمَّ يتوب على المستغفرين ادم وحواء ويغضب على ابليس الفاسق.
يستهلُّ القرآن الكريم أول مخاطبة لبني آدم فيه ( أي نحن اليوم على الارض نسل ادم وحواء) بتذكيرنا باللباس أولا فيقول انه متنزل من السماء كما قال في اية آخرى انه أنزل الحديد فقال" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاساً يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ [الأعراف : 26]
في كلتا الروايتين (في القرآن والتوراة)، ارتكب آدم وحوّاء معصية واحدة وهي عدم الانتهاء عما نهاهما عنه الله تعالى "...وَنَادَاهُمَا رَبُّهُمَا أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ [الأعراف : 22] قبل أن يُصدِر الله حكمه نتيجة عمل عصيانٍ واحدٍ فقط.
قصة خلق ادم وحواء :-
ورد اسم ادم في القران 25 مرة وفي هذا العدد اعجاز قراني عددي عظيم اذ ورد عيسى ايضا 25 مرة تصديقا لكلام الله تعالى القائل"إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللّهِ كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ ثِمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ [آل عمران : 59] " أما اسم حواء فلم يرد صريحا.
بدأت القصة باخبار الله تعالى للملائكة بارادته في خلق الانسان "وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ..." ولان الملائكة يعلمون بالخلق الاسبق في الارض وهم الجن ومايفعلونه فقد "قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ [البقرة : 30] وكانت لله ارادته سبحانه فخلق آدم ومن ضلعه خلق زوجته"وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ " ثم شاء تعالى ان يجيب الملائكة على عدم علمهم بما هو كائن في علمه وهو العليم "وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاء هَؤُلاء إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ" قَالُواْ سُبْحَانَكَ لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ " "قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ" وهنا قال الله للملائكة ان يسجدوا تعظيما له على علمه وحكمته بعدما فشلوا في تسمية ما علمه لادم " وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُوواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ" وكان الله عليما بمعصية ابليس قبل ان يعصاه ويرفض السجود بدليل قوله "كان من الكافرين" أو لعله كان من بعد المعصية ولكنها كينونة الارادة الالهية ودليلنا على هذا الادعاء ان الله تعالى خلق ادم ليسكنة الارض " إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" وما عصيان ابليس الا ارادة الهية ليكون سببا في الايقاع بادم بينما هو مقيم في الجنة ليطرده الى الارض حاملا درسا قاسيا بانه لو عصى الله ثانية في الارض سيكون له عقوبات اخرى..ورغم ذلك فقد سأل الله ابليس عن سبب امتناعه عن السجود ليسمع ادم باذنه غاية الشيطان وتكبره عليه فيحذره " قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلاَّ تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ؟ فاستمع ادم لرد ابليس مباشرة لانه الله تعالى عالم مسبقا بالامر ولايحتاج الى اجابه "قَالَ أَنَاْ خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ" اذا هو الغرور والتكبر الشيطاني, فهل علمت ايها المتتبع لارادة ابليس انك لاتتبع الا عدوك ؟ ويستمع ادم لبقية الحوار كاملا حيث يتابع ابليس
-" قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلاَّ قَلِيلاً"
-"قَالَ اذْهَبْ فَمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ فَإِنَّ جَهَنَّمَ جَزَاؤُكُمْ جَزَاء مَّوْفُورًا"
-" وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ وَأَجْلِبْ عَلَيْهِم بِخَيْلِكَ وَرَجِلِكَ وَشَارِكْهُمْ فِي الأَمْوَالِ وَالأَوْلادِ وَعِدْهُمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا"
-"إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلاً"
وينتهي الحوار وكانت ارادة الله كما مشيئته وحكمته المقتضية فيسكن ادم وزوجه الجنة وقد حذرهما الله من الشجرة اياها وقد علما ان هناك من يتربص بهم"وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ" هكذا كان النذير من الشجرة,وكان التحذير من ابليس أيضا" فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى" وحبب الله تعالى له ولزجه الجنة ووعده بالخلود"إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ,وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى" وقد اصبح ابليس عدو لادم وزوجته فتهدد ابليس لادم وزوجته " قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ[الأعراف : 16]"وبالفعل قام بغيهما كما توعد وكما شاء الله لهم اجمعين " فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ " وكانت وسوسوته بالكذب على الله تعالى "وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ [الأعراف : 20] وكان لهذه الوسوسة غاية شيطانية هي نزع الطهارة عنهما في مكان لا نجس فيه وهذا النجس يكون بالتبرز في الجنة التي لابراز فيها والمصيبة الكبرى أنه اقسم لهما كاذبا مدعيا انه ينصحمها"وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ" وكان غرضه أن يُطردا من الجنة فدلهما الى شجرة (وهي التي نهاهما الله تعالى ان يقرباها) " فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ فَلَمَّا ذَاقَا الشَّجَرَةَ بَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ " وهنا عاتب الله تعالى ادم وزوجه لعصيانهما تحذيره قائلا" أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ "لقد دلهما بغرور للاكل من الشجرة بقسم كاذب ونصح كاذب"لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا" وبذلك تمكن ابليس منهما "فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا "وكان هذا الحدث موثقا" فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ" وكان الله عالما بما وقع وكانت مشيئتة بجعل خليفة في الارض فانزل ادم وزوجه ومعهما ابليس مطرودين اليها مغضوبا على ابليس مطرودا طردا عنيفا "قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَن تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ" وهنا يتوعد ابليس المتكبر الانسان عامة في شخص آبيه فيطلب ابليس من ربه ان يبقيه حيا الى يوم القيامة "قَالَ أَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ" ويمنحه الله تعالى ما طلب"قَالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ" ويتابع ابليس وعيده لادم مبينا مكره "قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ"ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ" وهنا يُطرد الملعون نهائيا وينتهي حواره مع ربه وقد شاء الله ان يستمع ادم لمقوله عدوه ليكون حذرا منه في دنياه."قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا لَّمَن تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ أَجْمَعِينَ" ولكنه يُهبط آدم وزوجه تائبا عليهما غافرا لهما بعدما اعترفا بذتبهما "قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ"فعلمها ربهما ان يتوبا, كيف يستغفرا لذنبهما كدرس أخير قبل نزولهما للارض"فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ [البقرة : 37]" وقد علم بمجموع العقوبات التي عوقب عليها بسبب عصيانه لمرة واحدة فقط وهي :-- طردهما من الجنة حيث الحياة الابدية.
- جردهما من الطهارة وكشف عورتيهما فاضطرا لصناعة اللباس.
- تعرضا في الارض للبرد والحر وذلك خلاف ما عاشاه في الجنة.
- جعل لهما ابليس عدوا .
- جعلهما مخييرين في الارض اما الاهتداء فالعودة للجنة او الضلال وعقاب الخلود في النار.
- جعلهما الله فانيَين – سوف يموتان الآن.
- جعل لهما ولذريتهما الفناء في الارض .
ثم انزلهم جميعا بعضهم عدو لبعض"قُلْنَا اهْبِطُواْ مِنْهَا جَمِيعًا" وقبل هذا الهبوط ابلغ الله تعالى كليهما" بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ" كما نبههم الى الغاية الربانية بانه تعالى سيرسل لهم الهدى من الكتب السماوية عبر الرسل والانبياء لهم ولذريتهم قائلا " فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ"
ما العبرة من هذا القول في القصة :-
قبل استعراضنا للعبرة من القصة علينا ان نعرف سبب خلق ادم وسبب ارادة الله تعالى في اهباطة للارض كخليفة له فيها الجواب بسيطا وطبيعيا وهو " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56]"
لهذا الغرض خلق الله تعالى الجن واخلفهم في الارض من قبل الانس ولهذا الغرض خلق الانسان من بعد وله ايضا كانت ارادة الله ان يكون ابليس عدوا يفتنه ليمحص الله ايمانه به فيجزية علة صبره وايمانه او يعاقبه على كفره وعصيانه.
إنَّ معظم الناس الذين يؤمنون بالله مسلمون وغيرهم يعتقدون أنّ الله سيعاقبهم بعد ارتكابهم الكثير من المعاصي ولتناسوا إنَّ الله سيدين حتّى خطيئة عصيانٍ واحدة بدليل عقابه لادم وزوجه على اول خطيئة عصيان ارتكبوها وكان هذا اول درس من القصة التي لم تأتي للاخبار او التسلية .
وها امر منطقي إذا ما قارنّا عصيان الله مثلا بمخالفة قانون الدولة.ففي أي بلد تحكمه سلطة القانون الوضعي يحاكم المخطئ على ارتكابه اول جريمة ولايؤجل لما بعد عدة جرائم, والأمر هو نفسه في التشريع الرباني وهناك تحذير لنا إذن في اخبارنا عن معصية آدم وحوّاء.
فال تعالى لادم حين أهبطه للارض "قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ"
أنَّ كلَّ واحدٍ منّا،واقع عليه ما وقع على أبوية (ادم وحواء) مشاركًا فيها. الكلُّ سيموت, والجميع لا يزالون يرتدون الثياب. هذه الأمور هي في الواقع ‘طبيعيّة’ جدًّا بالنسبة إلى الجميع بحيث أنّنا تقريبًا لا نلاحظ هذه الحقيقة التي ضاعت منّا، وهي أنَّ ما فعله الله لآدم وحوّاء لا نزال نستشعره حتّى يومنا هذا، بعد مرور آلاف السنين.
أما حبكة النهاية للقصة ففي العبرة المطلوبة والتي فصل الله تعالى فيها مخاطبا "بني آدم" قائلا" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " انه لباس التقوى الاكثر سترا من لباس الجسد فقد انزل الله تعالى لباس الجسد للانسان ليستر عورته في الدنيا ومعه لباس التقوى ليستره في الاخرة من عذاب الجحيم,فختم قائلا سبحانه" يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ"
يبدو الأمر وكأنَّ عواقب ما حدث في ذلك اليوم لا تزال تؤثِّر فينا في هذه النواحي على الأقلّ.وهكذا سرد لنا الله لنا فصة ابوينا بالتفصيل وقصة صراعهما مع ابليس عدوهما وختم لنا ببيان غرض هذا السرد القصصي الاخباري المعجز ليبين انما يسرد لنا أجمل القصص للعبرة .
وأخيرا ما الذي نراه اليوم من بني ادم في الارض ؟ انظر كلام الله حين أخبر ادم بعداوة ابليس له:" فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى" ورغم انه سبحانه حبب له ولزوجته الجنة ووعده بالخلود"إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ,وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى" إلا ان ابليس اقنع ادم بان وعد الله له بالخلود غير صحيح وانه اي ابليس يقسم له وينصحه بان الاكل من الشجرة فيه الخلود ولايقسو الله على ادم فيقول انه نسى"وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا " إلا ان ادم نسي وعد الله له بالخلود في الجنة فصدق ابليس فعصى فكان غويا "...وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [طه : 121] " فهل من مدكر ؟
ما العبرة من هذا القول في القصة :-
قبل استعراضنا للعبرة من القصة علينا ان نعرف سبب خلق ادم وسبب ارادة الله تعالى في اهباطة للارض كخليفة له فيها الجواب بسيطا وطبيعيا وهو " وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ [الذاريات : 56]"
لهذا الغرض خلق الله تعالى الجن واخلفهم في الارض من قبل الانس ولهذا الغرض خلق الانسان من بعد وله ايضا كانت ارادة الله ان يكون ابليس عدوا يفتنه ليمحص الله ايمانه به فيجزية علة صبره وايمانه او يعاقبه على كفره وعصيانه.
إنَّ معظم الناس الذين يؤمنون بالله مسلمون وغيرهم يعتقدون أنّ الله سيعاقبهم بعد ارتكابهم الكثير من المعاصي ولتناسوا إنَّ الله سيدين حتّى خطيئة عصيانٍ واحدة بدليل عقابه لادم وزوجه على اول خطيئة عصيان ارتكبوها وكان هذا اول درس من القصة التي لم تأتي للاخبار او التسلية .
وها امر منطقي إذا ما قارنّا عصيان الله مثلا بمخالفة قانون الدولة.ففي أي بلد تحكمه سلطة القانون الوضعي يحاكم المخطئ على ارتكابه اول جريمة ولايؤجل لما بعد عدة جرائم, والأمر هو نفسه في التشريع الرباني وهناك تحذير لنا إذن في اخبارنا عن معصية آدم وحوّاء.
فال تعالى لادم حين أهبطه للارض "قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ"
أنَّ كلَّ واحدٍ منّا،واقع عليه ما وقع على أبوية (ادم وحواء) مشاركًا فيها. الكلُّ سيموت, والجميع لا يزالون يرتدون الثياب. هذه الأمور هي في الواقع ‘طبيعيّة’ جدًّا بالنسبة إلى الجميع بحيث أنّنا تقريبًا لا نلاحظ هذه الحقيقة التي ضاعت منّا، وهي أنَّ ما فعله الله لآدم وحوّاء لا نزال نستشعره حتّى يومنا هذا، بعد مرور آلاف السنين.
أما حبكة النهاية للقصة ففي العبرة المطلوبة والتي فصل الله تعالى فيها مخاطبا "بني آدم" قائلا" يَا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ " انه لباس التقوى الاكثر سترا من لباس الجسد فقد انزل الله تعالى لباس الجسد للانسان ليستر عورته في الدنيا ومعه لباس التقوى ليستره في الاخرة من عذاب الجحيم,فختم قائلا سبحانه" يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ"
يبدو الأمر وكأنَّ عواقب ما حدث في ذلك اليوم لا تزال تؤثِّر فينا في هذه النواحي على الأقلّ.وهكذا سرد لنا الله لنا فصة ابوينا بالتفصيل وقصة صراعهما مع ابليس عدوهما وختم لنا ببيان غرض هذا السرد القصصي الاخباري المعجز ليبين انما يسرد لنا أجمل القصص للعبرة .
وأخيرا ما الذي نراه اليوم من بني ادم في الارض ؟ انظر كلام الله حين أخبر ادم بعداوة ابليس له:" فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ وَلِزَوْجِكَ فَلا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقَى" ورغم انه سبحانه حبب له ولزوجته الجنة ووعده بالخلود"إِنَّ لَكَ أَلاَّ تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى ,وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى" إلا ان ابليس اقنع ادم بان وعد الله له بالخلود غير صحيح وانه اي ابليس يقسم له وينصحه بان الاكل من الشجرة فيه الخلود ولايقسو الله على ادم فيقول انه نسى"وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْمًا " إلا ان ادم نسي وعد الله له بالخلود في الجنة فصدق ابليس فعصى فكان غويا "...وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى [طه : 121] " فهل من مدكر ؟
تعليقات
إرسال تعليق
تعليقاتكم تسرنا شكرا لمروركم